الأحد، 22 أكتوبر 2017

مدارس الفن التشكيلي ونشأتها - بحث الاستاذ الفنان/ محمد غبره


المدرسة الوحشية
المدرسة الوحشية اتجاه فني قام على التقاليد التي سبقته، وأهتم
الوحشيون بالضوء المتجانس والبناء المسطح فكانت سطوح ألوانهم تتألف
دون استخدام الظل والنور، أي دون استخدام القيم اللونية، فقد اعتمدوا
على الشدة اللونية بطبقة واحدة من اللون، ثم اعتمدت هذه المدرسة
أسلوب التبسيط في الفن اإلسالمي، خاصة أن رائد هذه المدرسة الفنان
هنري ماتيس الذي استخدم عناصر زخرفية إسالمية في لوحة النباتية
الاسلامية. أما سبب تسمية هذه المدرسة بالوحشية فيعود إلى عام
1906
، عندما قامت مجموعة من الشبان الذين يؤمنون باتجاه التبسيط
في الفن، والاعتماد على البديهة في رسم الاشكال قامت هذه المجموعة
بعرض أعمالها الفنية في المستقلين، فلما شاهدها الناقد لويس
ً فوكسيل وشاهد تمثاال للنحات دوناتللو بين أعمال هذه الجماعة التي
امتازت بألوانها الصارخة، قال فوكسيل : دوناتللو بين الوحوش، فسميت
بعد ذلك بالوحشية، لانها طغت على الاساليب القديمة، مثل التمثال الذي
كان معروضا حيث أنتج بأسلوب تقليدي قديم، ويعد الفنان هنري ماتيس
رائداً وعلما من أعلام هذه المدرسة ثم الفنان جورج رووه

المدرسة التعبيرية
قبل أن نتحدث عن المدرسة التعبيرية يجدر بنا أن نتطرق إلى ثلاثة
من أهم الفنانين الذين كانوا مرحلة في حد ذاتهم وخاصة بعد المدرسة
التأثيرية، فلو تأملنا أعمالهم فإننا نرى فيها صفات التأثيرية، ولكننا إذا
أمعنا النظر فإننا نرى أعمال هؤلاء تختلف عن أصحاب المذهب التأثيري
أو االنطباعي، ويجدر بنا أن نذكر أسماء هؤلاء الثلاثة وهي بول سيزان
وفان جوخ وبول جوجان فالذي يريد أن يعرف شخصية الفن المعاصر
في بداية القرن العشرين عليه أن يتعرف على الشخصيات الثلاث، لقد
أبتعد هؤلاء عن المدرسة التأثيرية فصاروا مرحلة سميت ما بعد التأثيرية،
وقد مهدت هذه المرحلة لظهور المدرسة التعبيرية والوحشية على حد
سواء. على أيه حال كان سيزان أبا للفن الحديث في القرن العشرين
لقد كان تمهيدا للعديد من الحركات الفنية، ولكن أوضحها هو التكعيبية
التي تظهر في أسلوبه، وقد مهد فان جوخ للمدرسة التعبيرية، كما مهد
بول جوجان الطريق للمدرسة الوحشية باعتماده على الحس الفطري
في رسم الاشكال، والان وقد عرفنا شيئا عن بعض الفنانين الذين أثروا
في القرن العشرين علينا أن نعود إلى المدرسة التعبيرية، بعد أن عرفنا
أن الفنان فان جوخ هو الذي مهد الطريق لظهور مثل هذه المدرسة
فالتعبيرية مدرسة اتجاه فني يرتكز على تبسيط الخطوط والالوان لقد
خرجت هذه المدرسة عن الاوضاع الكلاسيكية التي تقوم على تسجيل
معالم الجسم بل الطبيعة، تسجيلا دقيقا، سواء في الخط، كما ذكرنا،
أو في تلوين الاشكال فقد ركزت على دراسة الاجسام ورسمها والمبالغة
في انحرافات بعض الخطوط أو بعض أجزاء الجسم وحركته، وهي بهذا
تقترب في بعض الاحيان من الكاريكاتور. ثم اعتمدت هذه المدرسة على
إظهار تعابير الوجوه والاحاسيس النفسية، من خلال الخطوط التي يرسمها
الرسام، التي تبين الحالة النفسية للشخص الذي يرسمه الفنان، وقد ساعد
على ذلك استخدام بعض الالوان التي تبرز انفعالات الاشخاص، بل تثير
مشاعر المشاهد للموضوع التعبيري، إن التعبيرية وجه آخر للرومانسية،
إن المذهب التعبيري يعيد بناء عناصر الطبيعة بطريقة تثير المشاعر
والمذهب التعبيري قد صار يعمل على التنظيم والبناء من جديد للصورة
الرومانسية، ولكن في أسلوب تجريدي يتسم بما تعانيه الاجيال في العصر
الحديث من قلق وأزمات.ويعد الفنان فان جوخ أشهر فناني هذه المدرسة
والرائد الاول لها، والفنان مونخ والفنان لوتريك

المدرسة التكعيبية
المدرسة التكعيبية هي ذلك الاتجاه الفني الذي أتخذ من الاشكال
الهندسية أساسا لبناء العمل الفني إذ قامت هذه المدرسة على الاعتقاد
بنظرية التبلور التعدينية التي تعتبر الهندسة أصولا للاجسام. اعتمدت
التكعيبية الخط الهندسي أساسا لكل شكل كما ذكرنا فاستخدم فنانوها
الخط المستقيم والخط المنحني، فكانت الاشكال فيها أما أسطوانية أو
كروية، وكذلك ظهر المربع والاشكال الهندسية المسطحة في المساحات
التي تحيط بالموضوع، وتنوعت المساحات الهندسية في الاشكال تبعا
لتنوع الخطوط والاشكال واتجاهاتها المختلفة، لقد كان سيزان المهد
الاول للاتجاه التكعيبي، ولكن الدعامة الرئيسية هو الفنان بابلو بيكاسو
لاستمراره في تبنيها وتطويرها مدة طويلة من الزمن. كان هدف التكعيبية
ليس التركيز على الاشياء، وإنما على أشكالها المستقلة التي حددت
بخطوط هندسية صارمة، فقد أعتقد التكعيبيون أنهم جعلوا من الاشياء
المرئية ومن الواقع شكلا فنيا، كانت بداية هذه الحركة المرحلة التي
بدأها الفنان سيزان بين عامي 1907/ 1909 وتعتبر المرحلة الاولى من
التكعيبية والمرحلة الثانية هي المرحلة التكعيبية التحليلية، ويقصد بها
تحليل الاشكال في الطبيعة وإعادة بنائها بطريقة جديدة وقد بدأت هذه
المرحلة عام 1910 / 1912 م إذ حلل الفنان فيها أشكاله بدقة، وأظهر
أجزاء الاشكال بأسلوب تكعيبي. وتمثل المرحلة الثالثة الصورة الموحدة
التكوين، وتبدأ من عام 1913 / 1914 م وركزت على رسم وموضوع
مترابط وواضح المعالم من خلال المدرسة التجريدية.

المدرسة التجريدية
اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالاصل الطبيعي، ورؤيته من
زاوية هندسية، حيث تتحول المناظر إلى مجرد مثلثات ومربعات
ودوائر، وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق
المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع
إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، وإن كانت تحمل
ً من خلاصة التجربة التشكيلية التي مر بها الفنان في طياتها شيئا
ً فإن المذهب التجريدي في الرسم، يسعى إلى البحث عن جوهر وعموما
الاشياء والتعبير عنها في أشكال موجزة تحمل في داخلها الخبرات الفنية،
التي أثارت وجدان الفنان التجريدي. وكلمة تجريد تعني التخلص من كل
آثار الواقع والارتباط به، فالجسم الكروي تجريد لعدد كبير من الاشكال
التي تحمل هذا الطابع: كالتفاحة والشمس وكرة اللعب وما إلى ذلك،
فالشكل الواحد قد يوحي بمعان متعددة، فيبدو للمشاهد أكثر ثراء
تهتم المدرسة التجريدية بالاشكال الساكنة فقط، ولكن
أيضا بالاشكال المتحركة خاصة ماتحدثه بتأثير الضوء كما في ظلال أوراق
الاشجار التي يبعثه ضوء الشمس الموجه
عليها، حيث تظهر الظلال كمساحات متكررة تحصر فراغات ضوئية فاتحة
و لا تبدو الاوراق بشكلها الطبيعي عندما تكون ظلالا، بل بشكل تجريدي.
وقد نجح الفنان كاندسكي –وهو أحد فناني التجريدية العالميين- في بث
الروح في مربعاته ومستطيلاته ودوائره وخطوطه المستقيمة أو المنحنية،
 في لوحته وترتيبها وفق نظام معين. ويبدو هذا واضحا معينا
بإعطائها لونا التي رسمها عام 1914م.

المدرسة السريالية
نشأت المدرسة السريالية الفنية في فرنسا، وازدهرت في
العقدين الثاني والثالث من القرن العشرين، وتميزت بالتركيز
على كل ما هو غريب ومتناقض واللاشعوري. وكانت السريالية
تهدف إلى البعد عن الحقيقة وإطلاق الافكار المكبوتة والتصورات
الخيالية وسيطرة الاحلام. واعتمد فنانو السريالية على نظريات
فرويد رائد التحليل النفسي، خاصة فيما يتعلق بتفسير الاحلام.
وصف النقاد اللوحات السيريالية بأنها تلقائية فنية ونفسية، تعتمد
على التعبير بالالوان عن الافكار اللاشعورية والايمان بالقدرة
الهائلة للاحلام. وتخلصت السريالية من مبادئ الرسم التقليدية.
في التركيبات الغربية لاجسام غير مرتبط بعضها ببعض لخلق
إحساس بعدم الواقعية إذ أنها تعتمد على اللاشعور. واهتمت السيريالية
بالمضمون وليس بالشكل ولهذا تبدو لوحاتها غامضة ومعقدة، وإن
ً كانت منبعا ً فنيا لاكتشافات تشكيلية رمزية لا نهاية لها، تحمل
المضامين الفكرية واالنفعالية التي تحتاج إلى ترجمة من الجمهور
المتذوق، كي يدرك مغزاها حسب خبراته الماضية. واالانفعالات التي تعتمد
عليها السيريالية تظهر ما خلف الحقيقة البصرية الظاهرة، إذ أن المظهر
الخارجي الذي شغل الفنانين في حقبات كثيرة ال يمثل كل الحقيقة،
حيث أنه يخفي الحالة النفسية الداخلية. والفنان السيريالي يكاد أن يكون
نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره
المتتابعة دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقا

المدرسة المستقبلية
بدأت المدرسة المستقبلية في إيطاليا، ثم انتقلت إلى فرنسا، وكانت
تهدف إلى مقاومة الماضي لذلك سميت بالمستقبلية، واهتم فنان
المستقبلية بالتغير المتميز بالفاعلية المستمرة في القرن العشرين،
الذي عرف بالسرعة والتقدم التقني. وحاول الفنان التعبير عنه بالحركة
والضوء، فكل الاشياء تتحرك وتجري وتتغير بسرعة. وتعتبر المدرسة
المستقبلية الفنية ذات أهمية بالغة، إذ أنها تمكنت من إيجاد شكل متناسب
مع طبيعة العصر الذي نعيش فيه، والتركيز على إنسان العصر الحديث.
وقد عبر الفنان المستقبلي عن الصور المتغيرة، بتجزئة الاشكال إلى آلاف
النقاط والخطوط والالوان، وكان يهدف إلى نقل الحركة السريعة والوثبات
والخطوة وصراع القوى، قال أحد الفنانين المستقبليين :إن الحصان الذي
يركض لا يملك أربعة حوافر وحسب، إن له عشرين وحركاتها مثلثية
وعلى ذلك كانوا يرسمون الناس والخيل بأطراف متعددة وبترتيب إشعاعي
بحيث تبدو اللوحة المستقبلية كأمواج ملونة متعاقبة. وفي لوحة مرنة
للفنان المستقبلي بوكشيوني التي رسمها عام 1912م، يوحي الشكل في
عمومه بإنسان متدثر بثياب فضفاضة ذات ألوان زاهية، يحركها الهواء،
فتنساب تفاصيلها في إيقاعات حركية مستمرة.

 المصدر / فنون-14 اكتوبر

0 comments:

إرسال تعليق